في السنوات الأخيرة، أصبحت ظاهرة الدروس الخصوصية من أكبر المشكلات التي تواجه الأسر المصرية. لقد تحولت بعض فئات المدرسين، الذين يفترض بهم أن يكونوا حماة للعلم والمعرفة، إلى ما يمكن وصفهم بـ"مصاصي دماء"، يستنزفون موارد الأسر المالية تحت مسمى التعليم.
الكثير من الآباء في مصر يجدون أنفسهم مضطرين للاستدانة والعمل لساعات إضافية لتوفير تكاليف الدروس الخصوصية لأبنائهم. هذه التكاليف الباهظة لا تأتي بسبب ضعف الطلاب أو عدم اهتمامهم بالتعليم، بل نتيجة طبيعية لتحول التعليم من رسالة سامية إلى وسيلة لتحقيق الثروة لدى بعض المدرسين. هؤلاء المدرسين لا يهتمون بشرح المواد الدراسية بشكل كافٍ في المدارس، ويتركون الطلاب في حالة من الضياع الأكاديمي، مما يضطرهم إلى الالتحاق بالدروس الخصوصية.
المدرس الذي لا يقدم جهده ووقته في المدرسة كما ينبغي، ويعتبر أن مهمته الأساسية هي تقديم الدروس الخصوصية بمقابل مادي ضخم، يفقد قيمة رسالته التعليمية. لقد أصبح همّه الوحيد هو الكسب المالي، متناسياً دوره الحقيقي في بناء أجيال مثقفة وواعية. وفي ظل هذا الوضع، يأتي البعض ليطلب منا التعاطف مع هؤلاء المدرسين!
التعاطف مع من؟ مع المدرس الذي لم يقدم شيئاً يُذكر في المدرسة ويطالب بالمال مقابل شرح المادة في منزله؟ مع من حول التعليم إلى تجارة وأهمل رسالته الأساسية؟ هذا ليس تعليماً، بل استغلال فج لأوضاع الطلاب والأسر التي تسعى جاهدة لتوفير فرص أفضل لأبنائها.
من حق كل مدرس أن يحصل على دخل محترم من عمله، ولكن ليس على حساب الطلاب وأولياء الأمور. التعاطف الحقيقي يجب أن يكون مع الآباء الذين يعانون لتوفير تعليم جيد لأبنائهم في ظل نظام تعليمي لا يوفر البدائل المناسبة ولا يحمي الطلاب من الاستغلال. هذا الوضع يستدعي وقفة جادة من المجتمع والدولة للحد من هذه الظاهرة وإعادة التعليم إلى مساره الصحيح كرسالة نبيلة وليس كوسيلة لتحقيق الثراء.
ما رأيك في النظام الجديد للثانوية العامة ...